حديث العجن

باب عجن

 حَدَّثنِى أَبُو مُصْعِبٍ عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بنِ مُحَمَّدٍ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ / عَنِ النَّبِىَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ قَالَ : يَأْتِى الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَنْقُرُ عِنْدَ عِجَانِهِ فَلاَ يَنْصِرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً

 حَدَّثنَا عُبَيْدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ عَنْ أَبى نُعَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الجّبَّارِ عَنْ أَبَى إِسْحَاقَ : خَطَبَ فُرَاتُ بنُ حَيَّانَ إِلى عَلَىّ فَقَالَ : ابنَ حَمْرَاءِ العِجَانِ

 حَدَّثنَا عُبَيْدُ اللّهِ بِنُ عُمَرَ حَدَّثنَا يُونُسُ بنُ بُكَيْر عَنِ الهَيْثِمِ عَنْ عَطِيَّةَ بنِ قَيْسٍ عَنِ الأَزْرَق بنِ قَيْسٍ : رَأَيْتُ ابَنُ عُمَرَ يَعْجِنُ فِى الصَّلاَةِ يَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا قَامَ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ يَفْعَلُهُ

قوله : يَنْقُرُ عِجَانَهُ : أخبرني أَبُونَصْرٍ عَنِ الأَصْمَعِيِّ : العِجَانُ : مَابَيْنَ الدُّبُرِ والأنْثيَيْنِ قَالَ جَرِيرٌ : ... يَمُدّ الحَبْلَ مُعْتَمِداً عَلَيْهِ ... كَأَنَّ عِجَانَهُ وَتَرٌ جَدِيدُ ...

 وَهُوَ العِضْرِطُ والبُعْثُطُ والقُحْقُحُ والعُصْعُصُ

 قوله : رَأَيْتُ ابنَ عُمَرَ يَعْجِنُ أَى يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى الأَرْضِ كَمَا يَصْنَعُ الَّذِى يَعْجِنُ العَجِينَ

 أخبرنا أَبُونَصْرٍ عَنِ الأَصْمَعِيِّ : العَجْنُ أَنْ يَرْتَفِعَ الخِلْفُ وَيَكْثُرَ لَحْمُ الضَّرَةِ فَلاَ يَسْتَمْكِنُ مِنْهُ الحَالِبُ . فَيُقَالُ : شَاةٌ عَجْنَاءُ . والضَّرْعُ الأَعْجَنُ اَنْ يَرْتَفِعَ خِلْفُهُ فَيَكْونَ تَحْتَهُ مُسْتَنْقَعُ اللَّبَنِ . وَالمُعْتَجِنَةُ : السَّمِينَةُ والمُمْتَلِئَةُ لَحْماً . الكتاب : غريب الحديث

المؤلف : إبراهيم بن إسحاق الحربي أبو إسحاق)

______________________________________________________

967- نهى أن يعتمد الرجل على يده إذا نهض في الصلاة.

قال الألباني : (2 / 389) : منكر.

أخرجه أبو داود (1 / 157) حدثنا أحمد بن حنبل ، وأحمد بن محمد بن شبويه ، ومحمد بن رافع ، ومحمد بن عبد الملك الغزال قالوا : حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال أحمد بن حنبل ، أن يجلس في الصلاة وهو معتمد على يده ، قال ابن شبويه : أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة ، وقال ابن رافع : نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده وذكره في باب الرفع من السجود ، وقال ابن عبد الملك : نهى أن يعتمد الرجل على يده إذا نهض في الصلاة .

قلت : فقد اختلف في لفظ هذا الحديث على عبد الرزاق كما ترى من أربعة وجوه : الأول : رواية أحمد

بلفظ " نهى أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده. الثاني : رواية ابن شبويه بلفظ : نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة . الثالث : رواية ابن رافع : نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده . الرابع : رواية عبد الملك باللفظ

المذكور أعلاه . ومن البين الواضح أن الحديث واحد لأن الطريق واحد ، وإنما

تعددت الطرق من بعد عبد الرزاق ، واختلفوا عليه ، وإذا كان كذلك ، فينبغي

النظر في الراجح من هذه الوجوه المختلفة ، لأن في بعضها معارضة للبعض الآخر ، وهو الوجه الأول والرابع ، فإن الأول صريح في أن النهي عن الاعتماد في الصلاة في الجلوس ، وذلك يكون في التشهد أو بين السجدتين ، والآخر صريح في أن النهي عن الاعتماد إنما هو إذا نهض في الصلاة وذلك من التشهد الأول في المعنى ، فلا

تعارض بينهما ، كما أنه لا تعارض بينهما من جهة وبين الوجهين الآخرين من جهة

أخرى ، لأنهما مجملان بالنسبة إلى الوجهين الآخرين ، يقبلان التفسير بأحدهما

فبأيهما يفسران ؟ هذا هو موضع البحث والتحقيق . ومما لا شك فيه أن الوجه

الأول هو الراجح ، وذلك ظاهر من النظر في الراوي له عن عبد الرزاق ، وهو الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، فإنه من الأئمة المشهورين بالحفظ والضبط والإتقان ، فلا يقوم أمامه أيا كان من الثقات عند المخالفة ، لاسيما إذا كان فيه

كلام مثل راوي الوجه الآخر محمد بن عبد الملك الغزال هذا ، فإنه وإن وثقه

النسائي وغيره ، فقد قال مسلمة : ثقة كثير الخطأ .

قلت : فمثله لا يحتج به

إذا خالفه الثقة ، فكيف إذا كان المخالف له إماما ثبتا كالإمام أحمد بن حنبل

؟ ! فكيف إذا توبع فيه الإمام أحمد ، وبقي الغزال فريدا غريبا ، فقد أخرج أحمد الحديث في "مسنده" (رقم 6347) هكذا كما رواه عنه أبو داود ، وتابعه إسحاق بن إبراهيم الدبري راوي " مصنف عبد الرزاق " عنه ، فقد أورد الحديث فيه (2 / 197 / 3054) بلفظ أحمد إلا أنه قال : يديه " ، وترجم له بقوله : باب

الرجل يجلس معتمدا على يديه في الصلاة " وكذلك رواه البيهقي في "سننه" (2 / 135) من طريق " المسند " ومن طريق أبي داود عن أحمد مقرونا مع شيوخ أبي داود

الآخرين في هذا الحديث وساق ألفاظهم كما فعل أبو داود . ثم قال في رواية أحمد : وهذا أبين الروايات ، ورواية غير ابن عبد الملك لا تخالفه ، وإن كان

أبين منها ، ورواية ابن عبد الملك وهم ، والذي يدل على أن رواية أحمد بن حنبل

هي المراد بالحديث أن هشام بن يوسف رواه عن معمر كذلك. ثم ساق من طريق الحاكم ، وهذا في "المستدرك" (1 / 272) عن إبراهيم بن موسى حدثنا هشام بن يوسف عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى رجلا وهو جالس معتمدا على يده اليسرى في الصلاة وقال : إنها صلاة

اليهود.

وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين " ، ووافقه الذهبي ، وهو

كما قالا . ويدل على ذلك أيضا رواية هشام بن سعد قال : عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا ساقطا يده في الصلاة فقال : لا تجلس

هكذا ، إنما هذه جلسة الذين يعذبون.

أخرجه أحمد (5972) بسند جيد ورواه

أبو داود والبيهقي من طرق أخرى عن هشام به موقوفا ، والرفع زيادة من ثقة فهي

مقبولة ، لاسيما وطريق إسماعيل بن أمية أقوى من هذه ولم يختلف عليه في رفعه.

فتبين مما سبق أن الحديث عن ابن عمر في النهي عن الاعتماد في الجلوس في الصلاة وهذا هو المحفوظ ، وأن رواية الغزال إياه في النهي عن الاعتماد إذا نهض شاذ

بل منكر ، لمخالفته لروايات الثقات على سوء حفظه . (تنبيه) : قد وقعت بعض

الأوهام حول هذا الحديث لبعض العلماء ، فرأيت من النصيحة التنبيه عليها : أولا : قال النووي في "المجموع" (3 / 445) مبينا علة الحديث : إنه من رواية

محمد بن عبد الملك الغزال وهو مجهول " ! وقد عرفت أنه ليس بمجهول ، بل هو ثقة

سيء الحفظ . ثانيا : نقل صاحب " عون المعبود" (1 / 376) عن السيد عبد الله

الأمير أنه قال : إن محمد ابن عبد الملك هذا هو محمد بن عبد الملك بن مروان

الواسطي قال فيه في "التقريب " : صدوق. وأقره عليه ، وهو وهم منهما ، فإن محمد بن عبد الملك هذا هو الغزال كما صرح بذلك أبو داود في روايته كما

تقدم ، وقد نبه على هذا الوهم الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى . ثالثا : احتج بهذا الحديث الحنفية والحنابلة على أن المصلي لا يعتمد على يديه عند

النهوض من السجدة الثانية في الوتر من الصلاة ، وأغرب من ذلك أن يتابعهم عليه

العلامة ابن القيم في كتابه المفرد في "الصلاة " ! وذكر في "زاد المعاد"أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يعتمد على الأرض بيديه ! وليس له في النفي

مستند صحيح كما بينته في "التعلقات الجياد" (1 / 38) بل هو معارض لظاهر

حديث مالك بن الحويرث أنه كان يقول : ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى في غير وقت الصلاة ، فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول

الركعة استوى قاعدا ، ثم قام فاعتمد على الأرض.

أخرجه النسائي (1 / 173) والشافعي في "الأم" (1 / 101) والبيهقي (2 / 124 و135) بإسناد صحيح على شرط الشيخين ، وهو عند البخاري (2 / 241) نحوه . أقول : فظاهر قوله " فاعتمد على الأرض " أي بيديه عند النهوض ، وقد قال السيد عبد الله الأمير " وعند

الشافعي : واعتمد بيديه على الأرض. ولكني لم أجد هذه الزيادة " بيديه" عند الشافعي ولا عند غيره ، وإن كان معناها هو المتبادر من الاعتماد ، وفي" الفتح " : قيل يستفاد من الاعتماد أن يكون باليد ، لأنه افتعال من العماد ، والمراد به الاتكاء ، وهو باليد ، وروى عبد الرزاق عن ابن عمر أنه كان يقوم

إذا رفع رأسه من السجدة معتمدا عى يديه قبل أن يرفعهما .

قلت : تقدم بيان ضعف

إسناده تحت الحديث (929) لكني وجدت له شاهدا قويا موقوفا ومرفوعا يرويه حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس قال : رأيت ابن عمر إذا قام من الركعتين اعتمد على الأرض بيديه ، فقلت لولده وجلسائه : لعله يفعل هذا من الكبر ؟ قالوا لا ولكن

هكذا يكون ، أخرجه البيهقي (2 / 135.قلت : وهذا إسناد جيد رجاله ثقات

كلهم . فقوله : هكذا يكون " صريح في أن ابن عمر كان يفعل ذلك اتباعا لسنة

الصلاة ، وليس لسن أو ضعف ، وقد جاء عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم

. فأخرجه أبو إسحاق الحربي في "غريب الحديث" (5 / 98 / ...) عن الأزرق بن قيس : رأيت ابن عمر يعجن (1) في الصلاة : يعتمد على يديه في الصلاة إذا قام ، فقلت له : ؟ فقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.

قلت : وإسناده

حسن ، وهو هكذا : حدثنا عبيد الله (الأصل : عبد الله وهو خطأ من الناسخ) بن عمر حدثنا يونس بن بكير عن الهيثم بن عطية عن قيس بن الأزرق بن قيس به . قلت : وابنا قيس ثقتان من رجال الصحيح . والهيثم هو ابن عمران الدمشقي ، أورده ابن حبان في "الثقات" (2 / 296) وقال : يروي عن عطية بن قيس ، روى عنه

الهيثم بن خارجة. وأورده ابن حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 2 / 82 ، 83) وقال : روى عنه محمد بن وهب بن عطية ، وهشام بن عمار ، وسليمان بن شرحبيل .

قلت : ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، لكن رواية هؤلاء الثقات

الثلاثة عنه ويضم إليهم رابع وهو الهيثم بن خارجة ، وخامس وهو يونس بن بكير ، مما يجعل النفس تطمئن لحديثه لأنه لو كان في شيء من الضعف لتبين في رواية أحد

هؤلاء الثقات عنه ، ولعرفه أهل الحديث كابني حبان وأبي حاتم زد على ذلك أنه

قد توبع على روايته هذه كما تقدم قريبا من حديث حماد بن سلمة نحوه . والله

أعلم . وأما يونس بن بكير وعبيد الله بن عمر ، فثقتان من رجال مسلم ، والآخر

روى له البخاري أيضا وهو عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ، ووقع في "التهذيب" (ابن عمرو) بزيادة الواو وهو خطأ مطبعي ، وقد ذكر الخطيب في الرواة عنه من ترجمته (10 / 320) إبراهيم الحربي هذا . وجملة القول : أن الاعتماد على اليدين عند القيام سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك مما يؤكد ضعف هذا الحديث في النهي عن الاعتماد ، وكذا الحديث الآتي بعده

. (تنبيه) : لقد خفي حديث ابن عمر هذا المرفوع على الحفاظ الجامعين المصنفين

كابن الصلاح والنووي والعسقلاني وغيرهم ، فقد ، فقد جاء في "تلخيص الحبير"(1 / 260) ما نصه : حديث ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان

إذا قام في صلاته وضع يده على الأرض كما يضع العاجن ، قال ابن الصلاح في كلامه على " الوسيط " : هذا الحديث لا يصح ، ولا يعرف ، ولا يجوز أن يحتج به ، وقال النووي في "شرح المهذب " : هذا حديث ضعيف ، أو باطل لا أصل له ، وقال في "التنقيح " : ضعيف باطل. هذه هي كلماتهم كما نقلها الحافظ العسقلاني عنهم ، دون أن يتعقبهم بشيء ، اللهم إلا بأثر ابن عمر الذي عزاه في "الفتح " لعبد

الرزاق ، فإنه عزاه هنا للطبراني في "الأوسط " ، فلم يقف على هذا الحديث

المرفوع صراحة ، مصداقا للقول المشهور : كم ترك الأول للآخر . فالحمد لله على توفيقه ، وأسأله المزيد من فضله.

------------------------------------(1) أي يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يعجن العجين . " نهاية. اهـ . كتاب : السلسلة الضعيفة      المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني

 

:

 تمام المنة في التعليق على فقه السنة

المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى : 1420هـ)

* قوله : " وأما كيفية الرفع من السجود حين القيام إلى الركعة الثانية فهو على الخلاف أيضا

فالمستحب عند الجمهور أن يرفع يديه ثم ركبتيه وعند غيرهم يبدأ برفع ركبتيه قبل يديه "

قلت : الحق هذا الثاني لحديث مالك بن الحويرث أنه كان يقول : ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي في غير وقت الصلاة فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول ركعة استوى قاعدا ثم قام فاعتمد على الأرض

أخرجه البخاري والشافعي في " الأم " والسياق له

فهذا نص قي أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتمد بيديه على الأرض وبه قال الشافعي

قال البيهقي : " وروينا عن ابن عمر أنه كان يعتمد على يديه إذا نهض وكذلك كان يفعل الحسن وغير واحد من التابعين "

قلت : وحديث ابن عمر رواه البيهقي بسند جيد عنه موقوفا ومرفوعا كما بينته في " الضعيفة " تحت الحديث ( 967 ) وفي " صفة الصلاة " ويأتي لفظه قريبا بإذن الله تعالى

ورواه أبو اسحاق الحربي بسند صالح مرفوعا عنه يرويه الأزرق بن قيس : رأيت ابن عمر يعجن في الصلاة : يعتمد على يديه إذا قام

فقلت له ؟ فقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله

وهو حديث عزيز - كما ذكرت هناك - لم يذكره أحد من المخرجين المتقدمين منهم والمتأخرين ثم سرقه المعلق على " الزاد " فنقله بالحرف الواحد من " الصفة " متشبعا بما لم يعط وكم له من مثل ذلك فيتعليقه هذا وغيره هدانا الله وإياه

قلت : ولازم هذه السنة الصحيحة أن يرفع ركبتيه قبل يديه

إذ لا يمكن الاعتماد على الأرض عند القيام إلا على هذه الصفة

وهذا هو المناسب للأحاديث الناهية عن التشبه بالحيوانات في الصلاة وبخاصة حديث أبي هريرة المتقدم في النهي عن البروك كبروك الجمل فإنه ينهض معتمدا على ركبتيه كما هو مشاهد فينبغي للمصلي أن ينهض معتمدا على يديه مخالفة له

فتأمل منصفا

وفي هذا الحديث مشروعية جلسة الاستراحة ويأتي الكلام عليها قريبا إن شاء الله تعالى

( تنبيه ) : ثم رأيت لبعض الفضلاء المعاصرين جزءا في كيفية النهوض في الصلاة ضعف فيه حديث العجن ويؤسفني أن أقول : لقد كان في بحثه بعيدا عن التحقيق العلمي والتجرد عن التعصب المذهبي على خلاف ما كنا نظن به فإنه غلب عليه نقل ما يوافقه وطي ما يخالفه أو إبعاده عن موضعه المناسب له إن نقله بحيث لا ينتبه القارئ لكونه حجة عليه لا له وتوسعه في نقد ما يخالفه وتشدده والتشكيك في دلالته وتساهله في نقد ما يؤيده وإظهاره الحديث الضعيف مظهر القوي بطرقه وليس له سوى طريقين واهيين أوهم القراء أنها خمسة ثم يطيل الكلام جدا في ذكر مفردات ألفاظها حتى يوصلها إلى عشرة دون فائدة تذكر سوى زيادة في الإيهام المذكور إلى غير ذلك مما يطول البحث بالإشارة إليه ولا يتحمل هذا التعليق بسط الكلام فيه وضرب الأمثلة عليه ولكن لا بد من ذكر بعضها حتى يتيقن القراء مما ذكرته فأقول :

1 - حديث مالك بن الحويرث اتفق العلماء جميعا على صحته وعلىدلالته على الاعتماد على اليدين عند النهوض حتى الذين لم يأخذوا به فإنهم سلموا بدلالته لكنهم لم يعملوا به ظنا منهم أنه كان لسنه صلى الله عليه وسلم وشيخوخته انظر " المغني " لابن قدامة المقدسي ( 1 / 569 )

وأما الفاضل المشار إليه فجاء بشيء لم يأت به الأوائل فقال ( ص 16 ) : " فهذا الحديث الصحيح غير صريح بالاعتماد على الأرض باليدين فهو يحمل لذلك وللاعتماد على الركبتين عند النهوض " يقول هذا من عنده توهينا منه لدلالته وهو يعلم أن الأئمة جميعا فهموه على خلاف زعمه من عمل به منهم ومن لم يعمل كما تقدم فهذا هو الإمام الشافعي العربي القرشي يقول في كتابه " الأم " ( 1 / 101 ) بعد أن ساق الحديث : " وبهذا تأخذ فنأمر من قام من سجود أو جلوس في الصلاة أن يعتمد على الأرض بيديه معا اتباعا للسنة "

بل هذا هو الإمام أحمد الذي يقول بالنهوض على صدور القدمين لما ذكر حديث ابن الحويرث في " مسائل ابنه " ( ص 81 / 286 ) ذكره بلفظ يبطل به الاحتمال الثاني وهو : " . . جلس قبل أن يقوم ثم قام ولم ينهض على صدور قدميه " وهذا هو الذي لا يفهم سواه كل عربي أصيل لم تداخله لوثة العجمة

2 - قال بعد أن خرج ألفاظ حديث ابن الحويرث : " ليس في شئ من ألفاظه لفظ : " بيديه " أي : فاعتمد بيديه على الأرض وقد جزم بعض المحققين بأن هذه اللفظة ليست في شئ من روايات الحديث كما استقرأه عبد الله الأمير على ما ذكره الألباني في " الضعيفة " 2 / 392 "

قلت : الذي ذكرته هناك حجة عليه لو أنه ساقه بتمامه ولكنه يأخذ منه ما

يشتهي ويعرض عن الباقي وهذا هو نص كلام الأمير هناك : " وعند الشافعي : واعتمد بيديه على الأرض ولكني لم أجد هذه الزيادة : " بيديه " عند الشافعي ولا عند غيره وإن كان معناها هو المتبادر من ( الاعتماد ) "

 فتأمل كيف أخذ من كلام الأمير بعضه وترك البعض الآخر الذي قال به جميع العلماء الموافقون منهم والمخالفون كما تقدم تركه لأنه ينقض احتماله الثاني الذي أيده بحديث وائل الذي اعترف هو ( ص 24 ) بضعفه وانقطاعه مع أنه تفرد به الطريق الثاني دون طرقه الخمسة عنده وبقية ألفاظه العشرة لديه وبحديث علي الذي اعترف أيضا ( ص 29 ) بضعفه لكنه جعله شاهدا لحديث وائل ولا يصلح للشهادة لشدة ضعفه فإن فيه زيادا السوائي وهو مجهول العين لم يرو عنه غير عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي وهو ضعيف اتفاقا كما قال النووي ولذا قال البيهقي فيه : " متروك "

 أي : شديد الضعف وهو الذي روى عنه هذا الشاهد المزعوم

 وأيضا فهو خاص بالقيام من الركعتين الأوليين أي : التشهد

 وحديث وائل في النهوض من السجود مع ضعفه ولكنه عاد فقال ( ص 99 ) فيه : " حديث صحيح صريح وحديث مالك صحيح غير صحيح " وهذا مما لم يسبق إليه من أحد من أهل العلم مع تناقضه في شطريه كما تقدم ويأتي

 3 - في الوقت الذي يحشر الأحاديث الضعيفة كما رأيت لتأييد الاحتمال الثاني بزعمه لتفسير " الاعتماد على الأرض " في حديث مالك بن الحويرث يتجاهل ما يرجح الاحتمال الثاني للاعتماد فيقول ( ص 17 ) : " ويتأيد الاحتمال الأول بحديث ابن عمر في العجن - لو صح

وبفعله . . " الخ

 حديث العجن تقدم لفظه قريبا ويأتي الكلام عليه إن شاء الله والمقصود هنا أنه يوهم القراء أنه لا يوجد فيما صح من المرفوع عن ابن عمر ما يؤيد الاحتمال الأول والواقع خلافه وهو على علم به ومع ذلك فهو يشير إليه ( ص 38 ) بعيدا عن موضعه المناسب له وأما هنا فهو لا يسوق لفظه بل يوهم أنه موقوف فإنه ذكر اعتماد ابن عمر على يديه برواية العمري الضعيف

 ثم قال : " وعند البيهقي ( 2 / 135 ) اعتماده على الأرض بيديه

 قال الألباني : إسناده جيد رجاله ثقات كما في " الضعيفة " ( 2 / 392 ) "

 ولم يسق لفظه هنا أيضا بل ساقه بعيدا عن البحث ( ص 85 ) تشتيتا لدلالته الصريحة المؤيدة لحديث مالك بن الحويرث فإن لفظه من رواية الأزرق بن قيس قال : " رأيت ابن عمر إذا قام من الركعتين اعتمد على الأرض بيديه فقلت لولده ولجلسائه : لعله يفعل هذا من الكبر ؟ قالوا : لا ولكن هكذا يكون "

 ثم نقل الفاضل المشار إليه عني قولي عقبه : " قلت : وهذا إسناد جيد رجاله ثقات كلهم فقوله : " هكذا يكون " صريح في أن ابن عمر كان يفعل ذلك اتباعا لسنة الصلاة وليس لسن أو ضعف "

 نقل هذا عني تحت بحثه في حديث العجن فأجاب عنه بقوله : " هذا يفيد الاعتماد فحسب وهذا قد أفاده . . حديث مالك بن الحويرث في وصفه لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والمسألة ليست في مشروعية الاعتماد على الأرض ولكن في هيئته وصفته ( العجن ) "

 فأقول : بلى هما مسألتان : مشروعية الاعتماد باليدين على الأرض

ومسألة العجن بهما وكلتاهما داخلتان تحت عنوان جزئك : " في كيفية النهوض في الصلاة " ولولا ذاك لم تسود من " جزئك لما صفحات في سرد حديث مالك وألفاظه وحديث وائل وطرقه الخمسة عندك وألفاظه العشرة وفي أحدها الاعتماد على الركبتين والفخذين خلافا لحديث مالك مما حملك على التصريح بالشك في دلالة حديث مالك على الاعتماد على اليدين كما تقدم نقله عنك فها أنت قد رجعت من حيث تدري أو لا تدري إلى الاعتراف بدلالة حديث مالك على الاعتماد على اليدين وأنه في ذلك مثل حديث ابن عمر هذا وأقررت قولنا بأنه صريح في أن ابن عمر كان يفعل ذلك اتباعا للسنة وليس لسن أو ضعف فالحمد لله الذي ألهمك الرجوع إلى الصواب بعد التشكيك والجهد الجهيد ولكن هل ثبت الأستاذ الفاضل على صوابه بعد أن وفقه الله إليه ؟ يؤسفني أن أقول : لقد رجع فيما بعد إلى القول بأن ابن عمر فعل ذلك اضطرارا لشيخوخته ( ص 72 و92 ) فأنكر ما كان أقره من قبل كما تقدم من شهادة ولد ابن عمر وجلسائه : " أنه لم يفعل ذلك من الكبر ولكن هكذا يكون "

 والله المستعان

 لذلك فنحن نطالب المؤلف - مخلصين - بالثبات على دلالة حديث مالك على الاعتماد على اليدين وأن ذلك لم يكن لعجز أو ضعف أو كبر وإنما لأنه السنة كما في حديث ابن عمر الذي أقر بصحته وصحة دلالته وبخاصة أنني وقفت له على طريق أخرى عن الأزرق بن قيس قال : " رأيت ابن عمر في الصلاة يعتمد إذا قام فقلت : ما هذا ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله "

 رواه الطبراني في " الأوسط " ( 3489 - بترقيمي )

وأما حديثه الآخر في العجن فنحن نبين خطأه في تضعيفه إياه بيانا لا يدع لعارف بهذا الفن شكا في خطئه فإنه قد أعله بعلتين : الأولى : يونس بن بكير

 والأخرى : الهيثم بن عمران العبسي

 أما العلة الأولى فتمسك فيها باختلاف العلماء في يونس توثيقا وتجريحا ونقل أقوالهم في ذلك واعتمد منها قول الحافظ ابن حجر : " صدوق يخطئ "

 وفهم منه أنه ضعيف إن لم يتابع وأعرض عن أقوال الموثقين من الأئمة تقليدا منه لابن حجر

 والعجيب من أمره أنه قال بعد أن حكى عن ابن عدي أنه قال : " وثقه الأئمة . . " قال : " وانظر " الميزان " ومقدمة " الفتح " و " العبر " . . "

 فنظرنا وإذا في خاتمة ترجمته من " الميزان " يقول الذهبي : " وهو حسن الحديث " فهذا حجة عليه لا له كما هو ظاهر فماذا قصد في إحالته عليه ؟ ويقول الحافظ في " المقدمة " : " مختلف فيه وقال أبو حاتم : محله الصدق "

 وهذا كالذي قبله فإن كونه مختلفا فيه ومحله الصدق يعني أنه حسن الحديث في علم المصطلح ويؤيد ذلك أن الحافظ سكت عن أحاديث له كثيرة يحضرني منها حديث عائشة في أكل القئاء بالرطب فإنه سكت عنه في " الفتح "

( 9 / 573 ) والمؤلف يحتج بسكوت الحافظ كما ذكر ( ص 27 ) من " جزئه " ثم رجعت إلى العبر فإذا بالذهبي يتبنى فيه قول ابن معين : " صدوق "

 وهو أيضا بالمعنى المتقدم أي أنه حسن الحديث

 ومن أجل ذلك أورده الذهبي في كتابه " معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد " ( ص 192 / 383 ) وقال فيه : " صدوق قال ابن معين : مرجئ يتبع السلطان "

 يشير إلى أن ما قيل فيه فليس طعنا في صدقه وروايته وإنما لإرجائه وتردده على السلطان وذلك مما لا يطعن به على حديثه كما هو معروف في " المصطلح " وقد أشار إلى ذلك أبو زرعة حين سئل عنه : أي شئ ينكر عليه ؟ فقال : " أما في الحديث فلا أعلمه "

 والخلاصة : أن المؤلف - عفا الله عنا وعنه - لم يستفد شيئا من النقول المتضاربة التي نقلها عن الأئمة في يونس بن بكير هذا ولا هو بين وجه اختياره تضعيفه إياه تقليدا لابن حجر في " التقريب " على أن قوله فيه : " صدوق يخطئ " ليس نصا في تضعيفه للراوي به فإننا نعرف بالممارسة والتتبع أنه كثيرا ما يحسن حديث من قال فيه مثل هذه الكلمة وحديث عائشة مثال صالح لذلك فلو أنه كان على معرفة بعلم المصطلح لبين وجه اختياره كأن يقول مثلا : " الجرح مقدم على التعديل " فيقال : هذا ليس على إطلاقه بل هو مقيد بما إذا كان مفسرا وجارحا وقد أشار الذهبي في كلمته المنقولة عن " المعرفة " أن ما جرح به لا يضره فتأمل هذا أيها القارئ يتبين لك خطأ الرجل في تضعيفه ليونس وأنه لم يصدر

ذلك منه عن علم ومعرفة بهذا العلم الشريف

 ويؤكد لك ذلك ما سأذكره فيما يأتي في الرد على علته الثانية وهي : العلة الأخرى عنده : الهيثم بن عمران العبسي

 لقد سود صاحبنا حولها عشر صفحات دون فائدة تذكر واستطرد أحيانا - كعادته في " جزئه " - في ذكر أمور لا علاقة لها بالعلة المزعومة

 وخلاصة كلامه فيها أن الهيثم هذا روى عنه خمسة فهو مجهول الحال عنده وجل ما أورده أخذه من بعض مؤلفاتي

 ثم ذكر كلام الحافظ في " اللسان " في نقد مسلك ابن حبان في توثيق الراوي ولو لم يرو عنه إلا واحد

 ثم نقل عني مثل ذلك من مواضع من كتبي

 وهذا حق ولكنه لم يستطع لحداثة عهده بهذا العلم أن يفرق بين هذا المسلك المنتقد وبين ما سلكته في تقوية حديث الهيثم هذا لرواية الثقات الخمسة عنه

 وقدم للقراء مثلا ليبين لهم تناقضي - بزعمه - في هذا المجال حديث معاذ في القضاء وأني حكمت بنكارته بأمور منها جهالة الحارث بن عمرو مع توثيق ابن حبان إياه

 فهو يتوهم أن كل من وثقه ابن حبان فهو مجهول إما عينا وإما حالا

 وهنا يكمن خلطه وخطؤه الذي حمله على القول ( ص 56 ) بأنني جاريت ابن حبان في مسلكه المذكور

 والآن أقدم الشواهد الدالة على صواب مسلكي وخطئه فيما رماني به من أقوال أهل العلم

 1 - قال الذهبي في ترجمة مالك بن الخير الزبادي : " محله الصدق . . روى عنه حيوة بن شريح وابن وهب وزيد بن الحباب ورشدين

 قال ابن القطان : هو ممن لم تثبت عدالته . . يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة . . والجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح "

وأقره على هذه القاعدة في " اللسان " وفاتهما أن يذكرا أنه في " ثقات ابن حبان " ( 7 / 460 ) وفي " أتباع التابعين " كالهيثم بن عمران هذا وبناء على هذه القاعدة - التي منها كان انطلاقنا في تصحيح الحديث - جرى الذهبي والعسقلاني وغيرهما من الحفاظ في توثيق بعض الرواة الذين لم يسبقوا إلى توثيقهم مطلقا فانظر مثلا ترجمة أحمد بن عبدة الآملي في " الكاشف " للذهبي و " التهذيب " للعسقلاني

 وأما الذين وثقهم ابن حبان وأقروه بل قالوا فيهم تارة : " صدوق " وتارة : " محله الصدق " وهي من ألفاظ التعديل كما هو معروف فهم بالمئات فأذكر الآن عشرة منهم من حرف الألف على سبيل المثال من " تهذيب التهذيب " ليكون القراء على بينة من الأمر : 1 - أحمد بن ثابت الجحدري

 2 - أحمد بن محمد بن يحيى البصري

 3 - أحمد بن مصرف اليامي

 4 - إبراهيم بن عبد الله بن الحارث الجمحي

 5 - إبراهيم بن محمد بن عبد الله الأسدي

 6 - إبراهيم بن محمد بن معاوية بن عبد الله

 7 - إسحاق بن إبراهيم بن داود السواق

 8 - إسماعيل بن إبراهيم البالسي

 9 - إسماعيل بن مسعود بن الحكم الزرقي

 10 - الأسود بن سعيد الهمداني

 كل هؤلاء وثقهم ابن حبان فقط

 وقال فيهم الحافظ ما ذكرته آنفا من عبارتي التوثيق ووافقه في ذلك غيره من الحفاظ في بعضهم وفي غيرهم من أمثالهم

ومن عادته أن يقول في غيرهم ممن وثقهم ابن حبان ممن روى عنه الواحد والاثنان : " مستور " أو : " مقبول "

 كما حققته في موضع آخر

 فأخشى ما أخشاه أن يبادر بعض من لا علم عنده إلى القول : إن الحافظ قد جارى ابن حبان في تساهله في توثيق المجهولين كما قال مثله مؤلف " الجزء في كاتب هذه السطور " لأنه لا يعرف - ولو تقليدا - الفرق بين راو وآخر ممن وثقهم ابن حبان وحده إن عرفه لم يدرك وجه التفريق المذكور وهو ما كنت أشرت إليه في تقوية الهيثم بن عمران راوي حديث العجن ونقله المؤلف المشار إليه في " جزئه " بقوله ( ص 58 )

 " إنه جعل رواية أولئك الخمسة عنه سببا لاطمئنان النفس لحديثه "

 ثم رده بقوله : " والأحاديث لا تصحح بالوجدان كالشأن في الرؤيا " كذا قال - سامحه الله - فإني لم أصحح الحديث بمجرد الوجدان - كما قال - وإنما بالبحث الدقيق عن أصل الحديث وإسناده الذي فات على جميع من ألف في تخريج الأحاديث كما اعترف به المؤلف ( ص 40 و41 ) وفي حال رواته وبخاصة منهم الهيثم والرواة عنه حتى قام في النفس الاطمئنان لحديثه وحسن الظن به كما يدل عليه قول الحافظ السخاوي في بحث " من تقبل روايتة ومن ترد " مبينا وجه قول من قبل رواية مجهول العدالة ( 1 / 298 - 299 ) : " لأن الأخبار تبنى على حسن الظن بالراوي "

 قلت : ولا سيما إذا كثر الرواة الثقات عنه ولم يظهر في روايتهم عنه ما ينكر عليه كما هو الشأن في الهيثم قال السخاوي : " وكثرة رواية الثقات عن الشخص تقوي حسن الظن به "

 فهذا هو وجه توثيق الذهبي والحافظ لمن سبق ذكر هم ممن تفرد بتوثيقهم ابن حبان وهم من جهة أخرى لا يوثقون غيرهم من " ثقاته " وللعلامة المعلمي اليماني في رده على الكوثري كلام نفيس في من وثقهم ابن حبان وأنهم على خمس درجات كلها معتمدة لديه إلا الأخيرة منها فمن شاء التفصيل رجع إليه في " التنكيل " مع تعليقي عليه ( 1 / 437 - 438 )

 وجملة القول أن صاحب " الجزء أخطأ خطأ ظاهرا في تضعيفه لحديث ابن عمر في العجن لأنه اعتمد فيه على بعض ما قيل في توثيق ابن حبان ولم يعرف تفصيل القول في ذلك الذي جرى عليه عمل الحفاظ كالذهبي والعسقلاني وعلى نقول متناقضة لم يجد له مخرجا منها إلا باعتماده على ما يناسب تضعيفه للحديث منها وأفحش منه تشكيكه في سنية الاعتماد على اليدين عند النهوض مع ثبوته في حديثين مرفوعين غير حديث العجن في أحدهما التصريح بالاعتماد على اليدين والآخر يلتقي معه عند العلماء ويؤيده

 وبعد فإن مجال نقد " الجزء " تفصيليا وإظهار ما فيه من المخالفات لاقوال العلماء وأصولهم وتقويته ما لا يصح من الحديث واستشهاده ببعض الأقوال ووضعها في غير موضعها ومبالغته في بعض الأمور والتهويل فيها مجال واسع جدا يتطلب بيان ذلك من الوقت ما لا أجده الآن فإن وجدته فيما يأتي من الأيام بادرت إلى بيانه في كتاب خاص والله تعالى هو المستعان وعليه التكلان

 هذا ما قاله الألباني

وإليك أقوال العلماء المحققين.........

قال ابن رجب : قد روى الهيثم ، عن عطية بن قيس بن ثعلبة ، عن الازرق بن قيسقال : رأيت ابن عمر وهو يعجن في الصلاة يعتمد على يديه إذا قام ، فقلت : ما هذا ؟ قال : رأيت رسول الله ( يعجن في الصلاة - يعني : يعتمد .

خرّجه الطبراني في ( ( أوسطه ) ) .

والهيثم هذا ، غير معروف .

وقال بعضهم : العاجن ، هو الشيخ الكير الذي يعتمد إذا قام ببطن يديه ، ليس هو عاجن العجين .

وفي النهوض على صدور القدمين أحاديث مرفوعة ، أسانيدها ليست قوية ، أجودها : حديث مرسل ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه .

وقد خرّجه أبو داود بالشك في وصله وإرساله .

والصحيح : إرساله جزماً . والله سبحانه وتعالى أعلم .فتح الباري له . ________

ويفسر العلماء كيفية السجود على سبيل الإجمال: أن يكون باسط الكفين، فلا تضم، وبعض الناس يقول: يعجن، ووالله ما أدري ما هذا العجن! لكن حينما يكون الإنسان طاعناً في السن، ويريد أن ينهض، فيضمها من أجل أن يستطيع النهوض، لكن في كل الحالات سواء إذا كان مثل المرأة عندما تعجن، أو مثل الإنسان عندما يعجن في العجين، فهذه لم يقل بها أحد من الأئمة الأربعة، إنما قال بها بعض العلماء لوجود حديث عند أبي داود في ذلك، ولكنها حالة رئيت وصورة نقلت! واتفقوا أنه في حالة السجود يكون باسطاً لأصابع كفه، ناصباً لقدميه على رءوس الأصابع. الكتاب : شرح بلوغ المرام       المؤلف : عطية بن محمد سالم

_______________

باب

كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة

710) وقد روى الهيثم ، عن عطية بن قيس بن ثعلبة ، عن الازرق بن قيس ،قال : رأيت ابن عمر وهو يعجن في الصلاة يعتمد على يديه إذا قام ، فقلت : ما هذا ؟ قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجن في الصلاة -يعني : يعتمد .

خرّجه الطبراني في (( أوسطه )). والهيثم هذا ، غير معروف .

[ فتح الباري : 5 / 147 - 148 ] .

711) وفي النهوض على صدور القدمين أحاديث مرفوعة ، أسانيدها ليست قوية ، أجودها :حديث مرسل ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه .

وقد خرّجه أبو داود بالشك في وصله وإرساله .

والصحيح : إرساله جزماً . والله سبحانه وتعالى أعلم .

[ فتح الباري : 5 / 148

______________________________________________________________________

عَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما «أَن رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - كَانَ إِذا قَامَ فِي صلَاته وضع يَده عَلَى الأَرْض كَمَا يصنع (العاجن) » .

هَذَا الحَدِيث ذكره الرَّافِعِيّ تبعا للغزالي فَإِنَّهُ أوردهُ كَذَلِك فِي «وسيطه» ، وَالْغَزالِيّ تبع إِمَامه فَإِنَّهُ أوردهُ كَذَلِك فِي نهايته (وَلَا يحضرني) من خرجه من الْمُحدثين من هَذَا الْوَجْه بعد الْبَحْث عَنهُ . وَقَالَ ابْن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى (الْوَسِيط) : هَذَا الحَدِيث لَا يعرف وَلَا يَصح وَلَا يجوز أَن يحْتَج بِهِ . وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : هَذَا حَدِيث ضَعِيف أَو بَاطِل لَا أصل لَهُ . وَقَالَ فِي (التَّنْقِيح) : ضَعِيف بَاطِل لَا (يعرف) ، وَفِي (النِّهَايَة) لِابْنِ الْأَثِير ، وَفِي حَدِيث ابْن عمر «أَنه كَانَ يعجن فِي الصَّلَاة فَقيل لَهُ : مَا هَذَا ؟ فَقَالَ : رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - يعجن فِي الصَّلَاة) أَي يعْتَمد عَلَى يَدَيْهِ إِذا قَامَ كَمَا يفعل الَّذِي يعجن الْعَجِين . انْتَهَى .

وَقَالَ ابْن الصّلاح : قد صَار هَذَا الحَدِيث - أَعنِي حَدِيث ابْن عَبَّاس - فِي (الْوَسِيط) و (الْوَجِيز) مَظَنَّة الْغَلَط ، فَمن غالط فِي لَفظه (يَقُول) : «الْعَاجِز» . بالزاي وَإِنَّمَا هُوَ بالنُّون ، وَقد جعله الْغَزالِيّ فِيمَا نقل عَنهُ فِي درسه بالزاي أحد الْوَجْهَيْنِ فِيهِ ، وَلَيْسَ كَذَلِك ، وَمن غالط فِي مَعْنَاهُ غير غالط فِي لَفظه يَقُول : هُوَ بالنُّون وَلكنه عاجن عجين الْخبز فَيقبض أَصَابِع كفيه ويضمها كَمَا يَفْعَله عاجن الْعَجِين ، ويتكئ عَلَيْهَا ويرتفع ، وَلَا يضع راحتيه عَلَى الأَرْض ، وَهَذَا جعله الْغَزالِيّ فِي درسه . الْوَجْه الثَّانِي فِيهِ وَعمل بِهِ كثير من عَامَّة الْعَجم وَغَيرهم : وَهُوَ إِثْبَات هَيْئَة شَرْعِيَّة فى الصَّلَاة لَا عهد بهَا بِحَدِيث لم يثبت وَلَو ثَبت (ذَلِك) لم يكن ذَلِك مَعْنَاهُ (لِأَن العاجن) فِي اللُّغَة الرجل المسن الْكَبِير الَّذِي إِذا قَامَ اعْتمد بيدَيْهِ عَلَى الأَرْض من الْكبر وأنشدوا :

وَشر خِصَال الْمَرْء كُنْتٌ وعَاجِنُ

وأصبحت كُنتِيًّا وأصبحتُ عاجنًا

قَالَ ابْن الصّلاح : (فَإِن كَانَ) وصف الْكبر بذلك مأخوذًا من عاجن الْعَجِين فالتشبيه فِي شدَّة الِاعْتِمَاد عِنْد وضع الْيَدَيْنِ لَا فِي كَيْفيَّة ضم (أصابعهما) قَالَ : وَأما الَّذِي فِي كتاب «الْمُحكم فِي اللُّغَة» للمغربي الْمُتَأَخر الضَّرِير من قَوْله فِي العاجن : إِنَّه الْمُعْتَمد عَلَى الأَرْض (بجمعه) ؛ وَجمع الْكَفّ - بِضَم الْمِيم - هُوَ أَن (يقبضهَا) كَمَا (ذكره) فَغير مَقْبُول مِنْهُ ، فَإِنَّهُ مِمَّن لَا يقبل مَا (ينْفَرد) بِهِ ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يغلط ويغالطونه كثيرا ، وَكَأَنَّهُ أضرّ بِهِ فِي كِتَابه مَعَ كبر حجمه (ضرارته) هَذَا آخر كَلَامه .

وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي الْكتاب نقلا عَن صَاحب (الْمُجْمل) : إِن (العاجن) هُوَ الَّذِي إِذا نَهَضَ اعْتمد عَلَى يَدَيْهِ كَأَنَّهُ يعجن أَي الخمير ، قَالَ : وَيجوز أَن يكون مَعْنَى الْخبز كَمَا يَقع عاجن الخمير . قَالَ الرَّافِعِيّ : هما متقاربان . وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : العاجن بالنُّون . قَالَ : وَلَو صَحَّ هَذَا الحَدِيث لَكَانَ مَعْنَاهُ قَامَ مُعْتَمدًا بِبَطن يَدَيْهِ كَمَا يعْتَمد (الْعَاجِز) وَهُوَ الشَّيْخ الْكَبِير وَلَيْسَ المُرَاد عاجن الْعَجِين (وَكَذَا قَالَ فِي «تنقيحه» : إِنَّه بالنُّون وَهُوَ الرجل المسن الَّذِي حطمه الْكبر فَصَارَ بِحَيْثُ) إِذا قَامَ اعْتمد بيدَيْهِ عَلَى الأَرْض ، فَهَذَا صَوَابه لَو صَحَّ هَذَااللَّفْظ ، قَالَ : وَأما مَا نقل عَن الْغَزالِيّ فِي درسه أَنه قَالَ : رُوِيَ بالنُّون وَالزَّاي وبالنون أولَى ، وَإنَّهُ الَّذِي يقبض بيدَيْهِ وَيقوم مُعْتَمدًا عَلَيْهَا ، وَعلله بعلة فَاسِدَة ، وَالصَّوَاب أَن الحَدِيث بَاطِل لَا يحْتَج بِهِ وَيقوم ويداه مبسوطتان مُعْتَمدًا عَلَى راحتيه وبطون أَصَابِعه    ( منكتاب : البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير  المؤلف : ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري)

- حديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام في صلاته وضع يده على الأرض كما يضع العاجن قال ابن الصلاح في كلامه على الوسيط: هذا الحديث لا يصحولا يعرف ولا يجوز أن يحتج به

وقال النووي في شرح المهذب هذا حديث ضعيف أو باطل لا أصل له وقال في التنقيح ضعيف باطل وقال في شرح المهذب نقل عن الغزالي أنه قال في درسه هو بالزاء وبالنون أصح وهو الذي يقبض يديه ويقوم معتمدا عليها1 قال ولو صح الحديث لكان معناه قام معتمدا ببطن يديه كما يعتمد العاجز وهو الشيخ الكبير وليس المراد عاجن العجين2 ثم قال: يعني ما ذكره بن الصلاح أن الغزالي حكى في درسه: هل هو العاجن بالنون أو العاجز بالزاي؟ فأما إذا قلنا: إنه بالنون فهو عاجن الخبز يقبض أصابع كفيه ويضمها ويتكئ عليها ويرتفع ولا يضع راحتيه على الأرض

قال ابن الصلاح: وعمل بهذا كثير من العجم وهو إثبات هيئة شرعية في الصلاة لا عهد بها بحديث لم يثبت ولو ثبت لم يكن ذلك معناه فإن العاجن في اللغة هو الرجل المسن قال الشاعر

فشر خصال المرء كنت وعاجن3

قال: فإن كان وصف الكبر بذلك مأخوذا من عاجن العجين فالتشبيه في شدة الاعتماد عند وضع اليدين لا في كيفية ضم أصابعها.

قال الغزالي: وإذا قلنا: بالزاي فهو الشيخ المسن الذي إذا قام اعتمد بيديه على الأرض من الكبر.

قال ابن الصلاح: ووقع في المحكم للمغربي الضرير المتأخر العاجن هو المعتمد على الأرض وجمع الكف وهذا غير مقبول منه فإنه لا يقبل ما ينفرد به لأنه كان يغلط ويغالطونه كثيرا وكأنه أضربه مع كبر حجم الكتاب ضرارته انتهى كلامه وفي الطبراني الأوسط عن الأزرق بن قيس رأيت عبد الله بن عمر وهو يعجن في الصلاة يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يعجن العجين تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير       المؤلف : أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني

قوله رحمه الله ( ص : 178 ) : و " كان يعجن ؛ يعتمد على يديه إذا قام ".اهـ

قلت : أما الإعتماد فنعم ، و أما العجن على المعنى المُتَوَهّم فهذا لايصح و لا يثبت . و معتمد الشيخ رحمه الله حديث الحربي الذي أخرجه في " غريب الحديث " ( 2/525 ) قال :

حدثنا عبد الله بن عمر - كذا قال ، و في النسخة المطبوعة التي بين يدي : عبيد الله بن عمر - حدثنا يونس بن بكير عن الهيثم عن عطية بن قيس عن الأزرق بن قيس :

" رأيت ابن عمر يَعْجِنُ فى الصّلاة ؛ يعتمد على يديه إذا قام . فقلت له ؟ فقال : رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يفعله ".

و هذا لا يسعف المحتجين به سنداً و لا متناً .

أما السند ففيه علتان : يونس بن بكير ، و الهيثم و هو ابن عمران ؛

أما يونس فاختصر الحافظ ترجمته في ( التقريب ) بقوله : " صدوق يخطئ " و هذا يعني أنه يغلب عليه الخطأ و هو دون الصدوق ، و لو قيل فيه " صدوق " فحسب ، لكان ينبغي النظر فيما يرويه ، فكيف و قد وصف بالخطإ مع ما فيه من عدم الحفظ و الضبط ؟

و قول الذهبي : " حسن الحديث " لا يخالف قول الحافظ السابق ، فقد ذكر في مقدمة ( الميزان ) مراتب التعديل ، فجعل تلك العبارة في المرتبة الرابعة و هي أدناها . قال العلامة السيوطي في " تدريب الراوي " ( 1/345 ) :

وزاد العراقي في هذه المرتبة مع قولهم : محله الصدق ، إلى الصدق ما هو ، شيخ وسط ، مكرر جيد الحديث ، حسن الحديث ، وزاد شيخ الإسلام - يعني الحافظ ابن جحر رحمه الله - : صدوق سيء الحفظ ، صدوق يهم ، صدوق له أوهام ، صدوق تغيير بآخره ، قال : ويلحق بذلك من رمي بنوع بدعة كالتشيع والقدر والنصب والإرجاء والتجهم .اهـ

و أصحاب هذه المرتبة يُكتَب حديثهم و يُنظَر فيه .

و قال الحافظ في مقدمة الفتح : " مختلف فيه " و هذه العبارة عند أهل الحديث من ألفاظ التجريح ، و هي درجة مَن يُعتَبَر بحديثه و لا يُحتَجّ به . فالعجب كيف يهوّن من مدلولها . و يتخذ ما ينفرد به صاحبها شرعة و ديناً ، و قد توقف الإمام أحمد في زيادة الإمام مالك - و هو مَن هو - للفظة " من المسلمين " في حديث الصدقة كما هو مشهور.

و خلاصة القول و زبدته في ( يونس بن بكير ) ؛ أنه ليس ممن يُحتَمل تفرده ، و أقرب ما قيل فيه قول الجوزجاني : ينبغي أن يتثبت في أمره .

قول الشيخ الألباني رحمه الله عن ( يونس ) أنه " من رجال مسلم " فيه نوع تجوّز ، و كذلك قول مَن يقول : روى له في الشواهد . فالإمام مسلم لم يذكره إلا مرة واحدة تبعاً ، مقروناً بوكيع . و كما هو مقرر فإنه " يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً ".

هذا فيما يتعلق بالعلة الأولى ،

و أما العلة الثانية : فجهالة الهيثم بن عمران العنسي ، و قد أشار الطبراني إلى ذلك بقوله : لم يرو هذا الحديث عن الأزرق إلا الهيثم ، تفرد به يونس بن بكير .اهـ

قال الحافظ ابن رجب في " فتح الباري " ( 6/63 ) : الهيثم هذا غير معروف .

قلت : لم يتابع يونسَ بن بكير أحدٌ على قوله : " يعجن " . و قد ورد حديث ابن عمر رضي الله عنهما من وجوه عدة لم يذكر أحد منهم ما ذكر يونس .

فعن الأزرق بن قيس قال : رأيت ابن عمر في الصلاة يعتمد إذا قام ، فقلت : ما هذا ؟ قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ".

أخرجه الطبراني في " الأوسط " برقم ( 3347 ) ، من طريق الهيثم و فيه ضعف . و هو الذي ذكره الشيخ رحمه الله متابعاً ليونس ، و لعلك اكتشفت أن المتابعة ليست إلا على وجه واحد و هو الإعتماد و ليس العجن الذي يُرَوّجُ له ، فتنبه .

و عن الأزرق بن قيس أيضاً قال : "رأيت ابن عمر نهض في الصلاة ويعتمد على يديه ". أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ( 3996 ) حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة به .

و هذا أصح من رواية يونس ، و رجاله رجال الشيخين . و يؤيده رواية نافع و هو من أخص أصحاب ابن عمر رضي الله عنهما ، أخرجه ابن أبي شيبة ( 3997 ) و عبد الرزاق ( 2964 ) .

و عن الأزرق أيضاً قال : " رأيت ابن عمر إذا قام من الركعتين اعتمد على الأرض بيديه فقلت لولده و لجلسائه : لعله يفعل هذا من الكبر ؟ قالوا : لا و لكن هذا يكون ".

أخرجه البيهقي ( 2632 ) من رواية حماد بن سلمة به .

و لعلك أيها اللبيب قد اكتشفت - من خلال هذا العرض - مخالفة ( يونس ) مَن هم أحفظ منه و أكثر عدداً . و تبيّن لك خطؤه في الإنفراد بتلك اللفظة المنكرة .

هذا فيما يتعلق بالحديث من جهة الرواية ، و أما فيما يتعلق به من جهة الدراية فاعلم أن قوله : " يعجن " ليس معناها قبض اليد كما توهم بعضٌ فأدخل في الصلاة ما ليس منها ، و إنما المراد بها ما قاله أهل اللغة و أهل العلم .

قال الحربي راوي الحديث ( 2/526 ) : قوله : رأيتُ ابنَ عمر يعجن أَى يضع يديه على الأرض كما يصنع الذى يعجن العجين .اهـ أي أنه مُنْكَبٌّ كهيئة العاجن .

و في " لسان العرب " ( 13/277 ) : يَعْجِنُ في الصلاة أَي يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يَعْجِنُ العَجينَ .اهـ

و في " المصباح المنير " للفيومي ( 2/395 ) : وقال الجوهري : ( عَجَنَ ) إذا قام معتمداً على الأرض من كبر . وزاد ابن فارس على هذا : كأنه ( يَعْجِنُ ) . قال بعض العلماء : و المراد التشبيه في وضع اليد والإعتماد عليها لا في ضمّ الأصابع .اهـ

قلت : و هو ظاهر سياق الحديث لمن تأمل ، فقوله " يعتمد ..." تفسير لقوله " يعجن " و لذلك لم يعطف بينهما . و يبيّن هذا أكثر رواية الطبراني : " قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجن في الصلاة ؛ يعني يعتمد ". و ليس بعد هذا البيان بيان !

و أما ما يفعله بعضهم من قبض أصابع الكف و ضمها و الإتكاء عليها عند النهوض فلا أصل له في السنة الصحيحة .

قال ابن الصلاح : و عمل بهذا كثير من العجم , و هو إثبات هيئة شرعية في الصلاة لا عهد بها , بحديث لم يثبت , و لو ثبت لم يكن ذلك معناه , فإن العاجن في اللغة : هو الرجل المسن , قال الشاعر : فشر خصال المرء كنت وعاجن .

قال : فإن كان وصف الكبر بذلك مأخوذا من عاجن العجين فالتشبيه في شدة الاعتماد عند وضع اليدين لا في كيفية ضم أصابعها .اهـ من التلخيص.

الحديث : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن سَعِيدٍ الرَّازِيُّ ، قَالَ : نا عَبْدُ اللَّهِ بن عُمَرَ بن أَبَانَ ، قَالَ : نا يُونُسُ بن بُكَيْرٍ ، قَالَ : نا الْهَيْثَمُ بن عَلْقَمَةَ بن قَيْسِ بن ثَعْلَبَةَ ، عَنِ الأَزْرَقِ بن قَيْسٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بن عُمَرَ وَهُوَ يَعْجِنُ فِي الصَّلاةِ يَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا قَامَ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِنُ فِي الصَّلاةِ ، يَعْنِي : يَعْتَمِدُ . لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الأَزْرَقِ إِلا الْهَيْثَمُ ، تَفَرَّدَ بِهِ : يُونُسُ بن بُكَيْرٍ.....( المعجم الكبيرلأبي القاسم الطبراني)

حدثنا علي بن سعيد الرازي قال نا عبد الله بن عمر بن أبان قال نا يوسن بن بكير قال نا الهيثم بن علقمة بن قيس بن ثعلبة عن الازرق بن قيس قال رأيت عبد الله بن عمر وهو يعجن في الصلاة يعتمد على يديه اذا قام فقلت ما هذا يا ابا عبد الرحمن قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يعجن في الصلاة يعني يعتمد [ ص 214 ] : لم يرو هذا الحديث عن الازرق الا الهيثم تفرد به يونس بن بكير[ المعجم الأوسط - الطبراني ]

ولا تنس أن الطبراني  صنف المعجم الأوسط لجمع الغرائب أكثرها شاذة.................