Thursday, January 17, 2013

نداء من التاريخ ..!




ساهرت الكتبَ والمؤلفاتِ ليلة من ليالِي مقامي بالجامعة كي أطلع إلى خبايا علم الحديث وخفاياه، ولكي أتلقط من ألماسه وجواهره التي لم يكد يحفل بها الكثير منهم.
وحتى في هذه الساعة المتأخرة وجــــدت نفسي لا تمل ولا تسأم من تتبع التآليف وقلب الأوراق واحدا تلو الآخر. فتعجبت لهذا النشاط المفرط .... وتساءلت : ما أصابك؟ ، ما كنت تجربت مثل هذا التأخر والتمهل عن النوم.!.
فكأن نفسي لا تلتفت إليّ، كأنها صارت صماء عما أثرت نحوها من تساؤلات . فخيل إليّ أن أصاحبها فيما تتتبع وتقرأ.. فنظرت في الكتاب الذي بين يدي .. فإذا هو كتاب يحكي عن إمام الأمة أحمد بن حنبل رحمه الله رحمة واسعة .
هذا الإمام الجليل قد عرفته مذ أن علقت بالعلوم الشرعية ، وسبق لي أن قرأت في أصوله وأصول مذهبه ومعاملته مع النصوص . وأعرف أنه إمام في الفقه وإمام في الحديث .. ، لكن الأمر الذي إليه اشتاقت نفسي في هذه الساعة المتأجلة هو الإطلال إلى ما صيّره علما من أعلام الأمة ، تسير بذكره الركبان .
فكيف وكيف ؟؟. وهذا الإمام - قبل أن يصير إماما - قد مر بمرحلة الطفولة مثلما مررنا بها، وقد مر بعنفوان الشباب كما مر أولنا وآخرنا. فكيف صار إماما وعلما فيتألق إسمه في سماء العلم والمعرفة بين الناس كشيخ وعالم وفقيه ومحدث .. وهو بشر مثلنا ، ولم يتخذ عند الله عهدا حتى يترك عليه في الآخرين؟!.
وهذا الإمام الشافعي ، بشر من البشر ، ابن لآدم ، قضى حقبة من الدهر على ظهر الأرض، وبلغ أجله الذي أجل له كما بلغ من كان معه... فما الشيء الذي أبقى الشافعي حيا حتى في الممات؟ ، وما الشيء الذي جعله كالشمس للدنيا وكالعافية للناس ؟.
وذا آخر من البشر ، يعرفه كل صغير وكبير، كأنه الشمس ، فهل هي بحاجة أن تبحث عنها وهي في منتصف النهار، وهو قد جلاها. وكأنه القمر ليلة البدر، فهل السائر تحت ضوءه ونوره مستنيرا به بحاجة إلى أن يصحب معه قنديلا مضيئة ؟. أتعرف من هو ؟، ألا هو إمام المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الكتاب الأصح بعد كتاب الله ...!
فيا علماء الإسلام ... أي رجال أنتم ؟؟. ما الذي جعل أظهركم فوق أظهرنا؟، ورفع أسماءكم أفاق دنيانا؟  وجعل علمكم علما يهتدى به في دياجير الجهل المتراكمة؟ .
يا ويلتاه ..! ، لو كان الإمام أحمد بن حنبل حيا لسألته عما أصبره على تلك النوائب والقواذف وعن تجشمه تلك المخاطر.
ولو كان الإمام الشافعي على قيد حياته لكررته تلك التساؤلات ، ولو كان الإمام البخاري قدامنا لاستفسرته عن معاناته حينما ضاقت عليه الأرض بما رحبت في أواخر أيامه وعن حسن بلاءه فيها .
ولم تأب نفسي إلا أن تنام قبل أن تجد جوابا كافيا ، وما خالط جفني سنة الكرى حتى ظفرت بحكاية من ابنه عبد الله بن أحمد يحكي فيها ما كان من أمر أبيه : كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة. فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته، فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة ، وقد كان قرب من الثمانين. وكان يقرأ في كل يوم سبعا يختم في كل سبعة أيام ،وكانت له ختمة في كل سبع ليال سوى صلاة النهار، وكان ساعة يصلي العشاء الآخرة ينام نومه خفيفة ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو.                    (تاريخ دمشق :5\300)
رحمك الله يا أبا عبد الله ..، لقد أعجزتنا أن نلحق بك ، وأن نوازيك في شيء من عاداتك .
ثلاثمائة ركعة ..!!، ختم لكتاب الله في كل سبع ليال ..!! ، وقيام ليل طويل إلا أقله..!! كل ذلك حتى في سن يقرب الثمانين ..!
من أي مدرسة تخرج مثل هذا النوع العبقري ؟!، نعم ، تخرج من مدرسة عبقرية ، تخرج على يدي الإمام الشافعي ، ومن هو الشافعي ؟ . الشافعي ممن اختاره الله لدينه لتقويم ما عوجه أهل الباطل ، ولمحاربة من حارب الله ورسوله ، كأن القلم في يده سيف في يد المجاهد .
قف بنا ، نصاحب الشافعي هنيهة من ساعات لياليه ...!
في ليلة من الليالي زار الإمام تلميذه أحمد بن حنبل في بيته، وبعدما تناولا طعام العشاء سويا نام الإمام الشافعى فى غرفته حتى أصبح . فتعرضت ابنة الإمام أحمد أمام أبيها فإذا وجهها وجه متراكم بغيوم سوداء لغرابة ما شهدت . فتسائلت لأبيها : يا أبتاه..، أهذا هـو الشافعي الذى كنت تحدثنى عنه وتكثر الدعاء له ؟! . قال لها : نعم يا ابنتى ، ما لك ؟ كأنك غير مرتضية عنه، قالت : أشكلتني فيه ثلاثة أمور قد لاحظتها عليه، وذلك أنه عندما قدمنا له الطعام أكل كثيرا ، وعندما دخل الغرفة لم يقم يصلي قيام الليل ،وعندما صلى بنا الفجر صلى من غير أن يتوضأ. فواجه الإمام أحمد أستاذه الإمام الشافعى بالملاحظات الثلاثة ،فإذا بالشافعى يرد على تلميذه أحمد فيقـول:يا أحمد، لقد أكلت كثيرا، لأنني أعلم أن طعامك من حلال . وأنت كريم، وأن طعام الكريم دواء وطعام البخيل داء. ماأكلت لأشبع وإنما أكلت لأتداوى بطعامك يا أحمد ولأشفى، لأن طعامك من حلال . وأما أنني لم أقم الليل فإنني عندما وضعت رأسى لأنام نظرت كأن أمامى الكتاب والسنة ، ففتح الله علي باثنين وسبعين مسألة من علوم الفقه الإسلامـى، فأردت أن أنفع بها المسلمين، فلم يكـن هناك فرصة لقيام الليل. وأما أننى صليت بكم الفجر من غير وضوء فو الله ما نامت عينـي حتى أجدد الوضوء ، لقد ظللت طوال الليل يقظان، فصليت بكم الفجر بوضوء العشاء .
فأين أين نحن من هؤلاء الأبرار الأتقياء ، العلماء الربانين، الذين هجروا النوم والرقاد لرضا رب  العالمين...،
كم من الليل رقدنا ، وكم تلذذنا بحلو النوم في مضاجعنا، يا ويلتاه.. لو كان ليل من ليالي تعدل ساعات من ليالي أمثاله لكنت أسعد الناس ولكنت أشكرهم لربهم.
وهذه هي بعض لمحات من تاريخهم، هي علمتني ونفسي : إن كنت تريد أن تكون عالما كابن حنبل أو مثل ابن إدريس عليك أن تحيي لياليك بالعبادة والتضرع والابتهال ، تتضرع إلى الله بكل ذل وإظهار لعجزك أمامه، وتبتهل إليه بكل ما قدمت من صالح الأعمال، وتبكي ذنوبك وما جرحته جوارحك. وأما نهارك فأفعمه بالأعمال الصالحة ، والجد والاجتهاد فيما كنت تعمل، وتبذل قصارى جهدك في تلقى التدرس والتعلم، وأن تكون قواما لله شاهدا بالقسط، ولا يغب عنك ذكره ، لا في السر ولا في العلن ، واتقه حق تقاته ، واحفظ الله ، تجده تجاهك .
كن مخلصا لله،  وكن على يقين بأن عيني الرحمن لا تنامان ولا تغفلان عما تفعل في سرك ، وعما تضمر في قلبك ، وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

Monday, March 19, 2012

فراق لا لقاء بعده ......

لقد ودعنا من أقرباءنا وجيراننا بعض من قد أحسنوا إلينا غاية الإحسان ..... وستودعنا كذلك يوما ما .... ولقد عانى من سكرات الموت من هو أقرب مني ومنك إلى الله ،
قال عليه السلام : إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " أتظن أن غرغرة الروح منك ببعيد ....!

Wednesday, February 23, 2011

ذكريات عيني

ذكريات................!ما زالت تغمر قلبي .........وما يزال يمتلأ بأجملها وأحسنها .........أحسبها الأن  مثل النوال التي  أهداها  إليّ ما مر عليّ من  طوائح  الزمن وقواذفها  ,
نعم ! يمتلأ  قلبي  بـأحسنها وأحلاها......... أتذوقها  حين  أجدني  مغتما ,فتنفرج  بها  غمتي  فلربما يخيب أمامه أدوية  الأطباء  .
كالكأس المتدفق  ........!   أتروى منها  حينما  أشعر من  الظآم شدتها  فيذوب عني  ما  كنت  أعاني من  المشكلة  .......
       لكي  يرتاح  قلبي  وقالبي .........